recent
أخبار ساخنة

تبني الأطفال المغاربة بالخارج

 

تبني الأطفال المغاربة بالخارج

تبني الأطفال المغاربة بالخارج

القانون المنظم للأسرة بالمغرب " مدونة الاسرة" ذو مرجعية إسلامية في جزء كبير منه، وقد نصت المادة 400 من مدونة الاسرة على الرجوع للفقه المالكي في كل ما لم يرد به نص قانوني.

 والتبني محرم شرعا وممنوع قانونا ولا توجد مساطر قانونية تنظمه،       وتبقى الصيغة القانونية لتربية الأطفال هي الكفالة، حيث يتكفل الكافل بتربية الطفل المتكفل به و تنشئته و مراعاة احتياجاته، و يمكنه أن يمنحه إسمه العائلي دون أن يكون له الحق في الإرث.

وتلجأ بعض الأسر الكافلة لأطفال مغاربة بدول المهجر إلى التقدم بطلبات أمام القضاء بتلك الدول لتحويل الكفالة إلى التبني، وقد استجابت عدة محاكم لهذه الطلبات كمحاكم اسبانيا وبلجيكا.

أولا: نماذج أحكام وقرارات قضائية قضت بتحويل الكفالة لتبني

قضت محكمة محافظة برشلونة في قرار لها بتاريخ 08/07/2008 قضية رقم 12/2007، بقبول طلب تبني طفل قاصر مغربي مقيم بإسبانيا، بعد إسناد كفالته قضائيا بالمغرب لكافلة إسبانية مع تقديمها عليه، بعدما كانت السلطات المغربية قد صرحت بأن الطفل مهمل ووضعته تحت الولاية العامة.

و قد اعتمدت المحكمة الاسبانية في قراراها على القانون رقم 54/2007 المتعلق بالتبني الدولي، خلصت المحكمة من خلال المادة 14 منه أن القضاء الاسباني مختص بتأسيس التبني في هذه القضية، و أن القانون المطبق هو القانون الاسباني، على اعتبار أن الطفل موضوع التبني يقيم بإسبانيا، و أنه سيكتسب الجنسية الاسبانية بحكم التبني كون المتبنية  للطفل تحمل الجنسية الاسبانية ( المادتان 18 و 19 من القانون 54/2007 المتعلق بالتبني الدولي).

وقد سارت الممارسة القضائية المتبعة على مستوى المحاكم الابتدائية في إقليم كتالونيا بخصوص الأطفال المستقدمين تحت نظام الكفالة، والمصرح بإهمالهم من طرف السلطات المغربية، والذين تمت كفالتهم من طرف مواطنين يحملون الجنسية الاسبانية ويقيمون معهم بإسبانيا، على نفس النهج والتوجه.

و نورد مثالا آخر يتعلق بحكم المحكمة الابتدائية ببرشلونة بتاريخ 15/04/2008 و الذي جاء فيه : " و لما كان متعذرا اعتبار الكفالة كالتبني ...طلبت العارضة تأسيس تبنيها للطفل  من جديد، و لهذا الغرض وجب الرجوع الى مقتضيات مدونة الاسرة الكتالونية، بناء على أن الطفل يقيم بإسبانيا، و سيكتسب الجنسية الاسبانية بحكم التبني، و قد كان قد حصل التصريح قضائيا في المغرب بأنه مهمل، و بناء على أنه تحت ولاية السيدة التي طلبت التبني، وقد ولتها عليه السلطات القضائية المغربية، و بناء على أن هذه الولاية مساوية للاحتضان، و بناء على أن عودة الطفل إلى اسرته الأصلية مستحيلة لأنه يفتقر إليها، و بناء على أنه يقيم ببرشلونة منذ أن حصلت العارضة التي اعتنقت الإسلام على الاذن بالسفر به الى خارج المغرب أي اسبانيا، و حيث ثبت استيفاء الشروط المقررة قانونا، و أن التبني يخدم المصلحة الفضلى للطفل، لزم قبول الطلب و تأسيس التبني".

وقد سبق للمحكمة الابتدائية ببرشلونة قبل صدور القانون رقم 2007/54، أن أصدرت قرارا بتاريخ 01/03/2004 منحت بمقتضاه التبني لصالح زوجين أحدهما اسباني والثاني من دولة منتمية للاتحاد الأوروبي، على طفلين مغربيين استقدما لإسبانيا تحت نظام الكفالة، وقد عللت المحكمة قراراها بكون الزوجين مقيمين بإسبانيا، ولا يمنع قانونهما التبني، والزوجة اسبانية وستنقل جنسيتها للأبناء بالتبني.

و في قرار اخر مؤرخ بتاريخ 20/03/2007 أيدت محكمة محافظة مالقة، حكما ابتدائيا قضى برفض طعن النيابة العامة و الحكومة الإقليمية، وأيد الحكم الابتدائي القاضي بقبول طلب تبني طفلين مغربيين لصالح زوجين اسبانيين يقيمان في اسبانيا رفقة الطفلين القاصرين، بعد أن نصت في الحكم أن الطفلين مهملين بعد أن تم التصريح قضائيا بالمغرب بكونهما مهملين  وأنهما مجهولي النسب، و كانا قبل أن يعهد بكفالتهما  قضائيا للزوجين  الاسبانيين تحت ولاية الإدارة العمومية المغربية.

ثانيا: نظام التبني بين الخضوع لقانون الطفل المتبنى والخضوع لقانون المتبني

بالرجوع للاجتهاد القضائي الاسباني بخصوص طلبات التبني الخاصة بأطفال منتمين للمغرب والدول الإسلامية التي تمنع التبني، فإننا نلاحظ أن هذا التوجه القضائي لا يحترم القانون الوطني للطفل المتكفل به الذي لا يعترف بالتبني، كما يتناقض مع مبدأ الحفاظ على الهوية الثقافية ومبدأ استمرارية الوضعيات القانونية. وهو توجه قضائي أيدته المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، حيث أكدت في قرار لها صادر بتاريخ 16 مارس 2015 بأن" موقف السلطات الوطنية البلجيكية فيما يتعلق بالمساطر ذات الارتباط بالتبني والإقامة فوق التراب الفرنسي لم يراع مصلحة الطفل الفضلى، ويعد متعارضا مع المادتين 8 و 14 من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان فيما يتعلق باحترام الحياة الاسرية و عدم التمييز بين الأطفال"، فيما أقدم المشرع الفرنسي من خلال قانون 6 فبراير 2001 على منع التصريح بتبني قاصر أجنبي إذا كان القانون الوطني للطفل يمنع نظام التبني.

وجاء في المادة 3-370 من القانون المدني الفرنسي على أنه " لا يجوز تبني طفل قاصر أجنبي إذا كان قانونه الوطني يمنع هذه المؤسسة".

ويتضح من خلال هذا النص أن المشرع الفرنسي أخذ بعين الاعتبار منع التبني في الدول الإسلامية، كالقانون المغربي الذي لا يعترف بالتبني.

وعكس المشرع الفرنسي الذي عمل على احترام القانون الوطني للطفل القاصر الذي يمنع التبني، انتهجت بعض التشريعات الأوروبية الأخرى نهجا آخر، وعملت على إعطاء مكانة خاصة للقانون الوطني للمتبنين و لقانون الإقامة الاعتيادية لهم.

مثال ذلك التشريع البلجيكي الذي أخضع التبني لقانون الدولة التي يحمل المتبني أو المتبنين جنسيتها لحظة تقديم الطلب وفق ما نصت عليه المادة 67 من القانون الدولي الخاص البلجيكي.

وهو الأمر الذي يمنح لكل من يرغب في التبني أن يحصل على الجنسية البلجيكية ولو كان قانون بلده الأصلي يمنع التبني كما هو حال نسبة كبيرة من المواطنين المغاربة الذين يحصلون على الجنسية البلجيكية.

فاكتساب الجنسية البلجيكية في هذه الحالة يسمح بتجاوز المنع الوارد على التبني في قوانين الدول الإسلامية، ويفتح الباب أمام التحايل على القوانين ذات المرجعية الإسلامية كالمغرب.

كما تسمح نفس المادة 67 من القانون الدولي الخاص البلجيكي، لزوجين أحدهما يحمل الجنسية البلجيكية مثلا زوج مغربي وزوجة بلجيكية أن يقوما بتبني طفل مغربي، حيث نصت المادة أعلاه أنه" إذا لم يكن لطالبي التبني نفس الجنسية، فيسري على التبني قانون موطن إقامتهم الاعتيادية، وفي حالة عدم وجود إقامة اعتيادية مشتركة فيخضع للقانون البلجيكي".

كما يمكن للقاضي البلجيكي استبعاد القانون الأجنبي إذا رأى أن تطبيقه يتعارض مع المصلحة العليا للطفل ويطبق القانون البلجيكي، حتى ولو كان ذلك متعارض مع القانون الوطني للأطراف كحالة طلب التبني المقدم من زوجين مغربيين لطفل مغربي أيضا.


تبني الأطفال المغاربة بالخارج
المعين في المساطر القانونية و القضائية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent