recent
أخبار ساخنة

التشطيب على التقييد من الرسم العقاري

 

التشطيب على التقييد من الرسم العقاري

التشطيب على التقييد من الرسم العقاري

تتوقف صحة التشطيب المقيد بالرسم العقاري على السند الذي قيد به بالرسم العقاري، وإذا كان المقيد بالرسم من الغير فتطبق عليه مقتضيات الفقرة الثانية من المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية، والتي تعتبر تقنينا استثنائيا للقواعد المؤطرة لحجية الحق العيني في مواجهة الغير، ابتغى من خلاله المشرع المغربي تأكيد الثقة في نظام التحفيظ العقاري والتطهير العقاري، مع إيجاد حلول لحماية الملاك الحقيقيين للعقارات خصوصا الأجانب والمغتربين بالخارج نتيجة استفحال قضايا السطو على عقارات الغير في السنوات الأخيرة.

أولا: التشطيب على الغير سيء النية

يشطب على الغير سيء النية المقيد بالرسم العقاري طبقا لمقتضيات المادة 2 من مدونة الحقوق العينية وكذا الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري، والتي بتفعيل مفهوم المخالفة لمقتضيات المادة 2 من مدونة الحقوق العينية التي جاء فيها انه " لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة" يستشف منها أن سيء النية لا يتمتع بالحماية المقررة في المادة أعلاه، ويقع إثبات سوء النية على مدعيه، من خلال اثبات العلم اليقيني بالتواطؤ الحاصل بين البائع والمشتري الثاني للإضرار بالمشتري الأول.

و يعتبر التقييد الاحتياطي الذي يجريه المشتري الأول وسيلة إثبات لسوء نية المشتري الثاني المقيد بالرسم العقاري، و قرينة قانونية على ثبوت سوء نيته، لكون التقييد الاحتياطي ينبىء عن وجود نزاع بين البائع و المشتري الغير مقيد بالرسم العقاري، و هذا ما سارت عليه محكمة النقض عندما اعتبرت شهادة الإيداع الصادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية و التي تشير الى وجود تقييد احتياطي كافية لاعتبار المشتري الثاني سيء النية، إذ أن هذه الشهادة تفيد وجود نزاع حول العقار المثقل به، و بذلك يكون المشتري الثاني سيء النية و يجب أن يتحمل عواقب سوء نيته.

ومحكمة النقض تلزم محاكم الموضوع في إطار سلطتها في مراقبة تطبيق القانون وتوحيد الاجتهاد القضائي، أن يبرزوا العناصر الواقعية والقانونية التي اطمئنوا إليها في استخلاص سوء النية (قرار عدد 7/295 ملف 5923-7-1-2015 بتاريخ 24/05/2016).

ثانيا: التشطيب على الغير حسن النية

بالرجوع لمقتضيات الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري فإن الغير لا يمكن التشطيب على حقه المقيد متى كان مسجلا بحسن نية بالرسم العقاري، حتى لو كان الحق الذي ناله نتج عن تزوير من قبل البائع، و قد تبنى القضاء في عديد القرارات حرفية الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري و الفصل  3 من ظهير 2 يونيو 1915 مؤكدا أن الغير حسن النية لا يمكن أن يواجه بما يقع من إبطال لاحق لتقييده و لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، بما أنه استند إلى ما هو مضمن بالصك العقاري، و أن المصداقية المخولة لمؤسسة السجل العقاري تقتضي أن لا يفاجأ بوقائع و تصرفات خارج هذا السجل العقاري، و ينحصر دور المحكمة فقط في البحث في حسن النية أو سوئها لترتيب الأثر القانوني.

 ورغم ذلك فإن القضاء على مستوى محكمة النقض تبنى اجتهادا جريئا في هذا المجال، لأن النص التشريعي لم يعد يساير مستجدات الواقع و الظواهر الانحرافية التي أصبحت تتنامى في المجتمع نظرا لتزايد قيمة العقارات و الطلب المتزايد عليها، هكذا جاء في قرار لمحكمة النقض صادر عن جميع الغرف مجتمعة بتاريخ 17 يناير 2017 تحت رقم 2-36 ملف مدني 5209-2-1-2012 ما يلي" لكن، حيث أنه و طبقا للفصلين 66 من ظهير التحفيظ العقاري و 3 من ظهير 2-6-1915 بشأن التشريع المطبق على العقارات المحفظة  وبمقتضاهما كل حق متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، و ابتداء من التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، و لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة و لما كان الغير المسجل عن حسن نية لا يمكن التمسك بإبطال التسجيل في مواجهته عملا بالفصلين 33 و 3 المذكورين، فإن الغير سيء النية، من كان يعلم أو بإمكانه أن يعلم عيب سند سلفه، و الطاعن لا يمكن اعتباره حسن النية اعتبارا لواقع النزاع الثابتة بالقرار الجنائي الذي يعد حجة على ما يثبته من وقائع عملا بالفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود، فالطاعن مقاول و يتاجر في العقارات و يفترض فيه الحذر في معاملاته، و قد اشترى العقار بتاريخ 6-3-2003 بثمن لا يلائم قيمته و هو مسجل باسم الشركة المالكة ("أي") ، كما اعتمد في البيع على مبادلة يعود تاريخها لسنة 1961 غير مسجلة بالرسم العقاري رغم مرور أكثر من أربعين سنة على تاريخها كما سجل عقد البيع و المبادلة في يوم واحد، و هي قرائن قوية و متعددة على أن الطاعن كان في إمكانه أن يعلم العيب الذي يشوب المبادلة المستند عليها في التملك من طرف البائع له، و بهذه العلة القانونية المحضة المستمدة من الوقائع الثابتة أمام قضاة الموضوع تستبدل محكمة النقض علة القرار المنتقدة مما يبقى مع ما أثير في أسباب النقض أعلاه غير مبني على أساس".

هكذا أصبح بإمكان المالك الحقيقي لحق عيني، والذي كان ضحية تزوير أو استعماله أو تدليس أن يطالب بإلغاء التسجيل للحق العيني المضمن بالسجل العقاري ولو في مواجهة الغير حسن النية، وذلك تبعا لمقتضيات المادة 2 من مدونة الحقوق العينية.

وتعتبر مقتضيات المادة 2 من مدونة الحقوق العينية نصا خاصا يقدم على أحكام الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري، لصدورها بعده وجاءت لتقنين العمل القضائي الذي تصدى للأمر بحزم شديد، ولسد ذريعة استغلال مفهوم حسن النية.

ثالثا: مجال دعاوى التشطيب من الرسم العقاري وآجال رفع دعوى التشطيب


للمالك الحقيقي للعقار الذي يفاجئ بالغير مقيدا بالصك العقاري العائد له، أن يلجأ للقضاء لحماية حقه العيني العقاري، سواء عن طريق دعوى عمومية تتخذ من جريمة التزوير سواء المادي أو المعنوي واستعماله أساسا للمتابعة الزجرية، سواء أمام محكمة الاستئناف عندما يتعلق الأمر بجناية تزوير وتحريف أوراق رسمية وفق الفصول 352 و 353 و 354 من القانون الجنائي، أو جنحة التزوير لمحرر عرفي متى كان العقد الذي طاله تزوير وثيقة عرفية وفق أحكام الفصل 358 من القانون الجنائي.

كما يمكن للمتضرر اللجوء إلى القضاء الزجري وتقديم شكاية تخص جريمة استعمال وثيقة مزورة التي نظمها المشرع بموجب الفصل 356 من القانون الجنائي، إذا تبين له أن الشخص المسجل اقتصر فعله فقط على استعمال الوثيقة المزورة دون أن يعمد الى القيام بذلك أو المشاركة في الأفعال الاجرامية التي مست حقوقه العينية على العقار.

وكذلك يمكن للمتضرر أن يقدم شكاية لدى النيابة العامة المختصة يكون موضوعها النصب في إطار الفصل 540 من القانون الجنائي، إذا كانت وقائع التدليس الجنائي نتج عنها استيلاء المحكوم عليه على عقار المالك الحقيقي، ويمكنه كذلك رفع دعوى مدنية أصلية بإبطال العقد للتزوير.
وقد حدد المشرع أجلا لرفع دعوى ابطال التقييدات بالرسم العقاري، وهو أجل أربع سنوات تحتسب من تاريخ إجراء التقييد بالرسم العقاري، واعتبر المشرع أن هذا الأجل يفترض أنه كاف ليحصل العلم بواقعة التدليس و التزوير بشأن الحق العيني المقيد بالصك العقاري.

التشطيب على التقييد من الرسم العقاري
المعين في المساطر القانونية و القضائية

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent