الشفعة في العقار المحفظ
يعتبر موضوع الشفعة من المواضيع الأكثر
أهمية وذلك بالنظر الى الأهداف المتوخاة من وراء المطالبة بها وإعمالها والمتجلية
أساسا في عدم رغبة الملاك على الشياع التملك مع شركاء أجانب وفي الحد من تجزئة
الملكية والتقليص من عدد الشركاء إلى غيرها من الأسباب الأخرى.
أولا: تعريف الشفعة
لقد عرف المشرع الشفعة في المادة 292 من
القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية كما يلي: " الشفعة أخذ شريك في
ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد
اللازمة والمصروفات الضرورية عند الاقتضاء".
وبذلك، فالشفعة كواقعة مادية حق خوله
المشرع للشفيع كي يكسب الحصة المبيعة بعد توافر عدة شروط، فهي بذلك لصيقة بالشفيع
ومرتبطة بالعقار المشفوع.
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي هو
المصدر الرئيسي لنظام الشفعة وبالتالي فإنه يجب الرجوع إلى أحكامه متى وجد فراغ
تشريعي في القانون الوضعي مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل ما لم يتم التنصيص عليه في
القواعد الفقهية أو النصوص الوضعية المنظمة لأحكام الشفعة يرجع فيه إلى الراجح
والمشهور وما جرى به العمل في مذهب الامام مالك.
ثانيا: الشروط الواجب توافرها في طالب الشفعة
حتى يكون طلب الشفعة صحيحا وجب توافر
مجموعة من الشروط المنصوص عليها في المادة 293 من القانون رقم 39.08 المتعلق
بمدونة الحقوق العينية، وتتجلى هذه الشروط في:
- أن يكون شريكا في الملك المشاع وقت بيع
حصة شريكه في العقار أو الحق العيني.
- أن يكون تاريخ تملكه للجزء المشاع سابقا
على تاريخ تملك المشفوع من يده الحصة محل الشفعة.
- أن يكون حائزا لحصته في الملك المشاع
حيازة قانونية أو فعلية.
- أن يكون المشفوع منه تملك الحصة المبيعة
بعوض.
ثالثا: الإجراءات الواجب اتباعها لممارسة حق الشفعة في العقار المحفظ
تنقسم الإجراءات المتبعة لممارسة حق الشفعة
في العقار المحفظ إلى إجراءات أولية تتعلق بإبداء الرغبة في ممارسة حق الشفعة داخل
أجل قانوني محدد، وذلك وفق إجراءات مسطرية تبتدأ بمسطرة العرض العيني تم تقديم
دعوى الأخذ بالشفعة.
1-الإعلان عن الرغبة في ممارسة حق الشفعة
هناك إجراءات أولية وإلزامية نصت عليها
المادة 304 من مدونة الحقوق العينية تلزم الشفيع القيام بها والتقيد بها وإلا
اعتبر غير ممارس للشفعة.
وبالرجوع إلى مضمون المادة 304 من مدونة
الحقوق العينية نجدها تنص على أنه يمكن للمشتري بعد تقييد حقوقه في الرسم العقاري
أن يبلغ نسخة من عقد شرائه إلى من له الحق في ممارسة حق الشفعة ولا يصح التبليغ
إلا إذا توصل به شخصيا من له الحق فيها. ويسقط حق هذا الأخير إن لم يمارسه خلال
أجل ثلاثين يوما كاملة من تاريخ التوصل.
وأضاف الفصل أعلاه بأنه يجب أن يتضمن
التبليغ تحت طائلة البطلان بيانا عن هوية كل من البائع والمشتري مع بيان الحصة
المبيعة وثمنها و المصروفات و رقم الرسم العقاري، فإن لم يقع هذا التبليغ فإن حق
الشفعة يسقط في جميع الأحوال بمضي سنة كاملة من تاريخ التقييد إذا كان العقار محفظا.
ويجب أن يوجه الإنذار إلى جميع من لهم الحق في
الشفعة، ولا يصح هذا التبليغ إلا إذا توصل به شخصيا من له الحق في الشفعة، و قد
ربط المشرع سقوط حق الشفيع باحترام إجراءات التبليغ.
وللشفيع بدوره الحق في الإعلان عن رغبته في
ممارسة حق الشفعة ولو قبل توصله بالإنذار ويتم ذلك بالتوجه إلى المشتري إن كان
واحدا أو إلى كل المشترين إن كانوا متعددين.
ويترتب عن الرغبة في ممارسة الشفعة آثار
قانونية إذ يحل الشفيع محل المشتري اتجاه البائع بقوة القانون، وبالتالي لم يعد
بإمكان الشفيع التراجع عن تلك الرغبة بإرادته المنفردة بل يتوقف ذلك عن رضى
المشتري، و الإعلان عن الرغبة في الشفعة قد يقع الاستغناء عنه إذا تم العرض العيني
في الأجل القانوني.
2-أجل ممارسة حق الشفعة
أجل ممارسة حق الشفعة نصت عليه المادة 304
من مدونة الحقوق العينية التي جاءت بأجلين لممارسة هذا الحق: أجل 30 يوما وأجل
سنة.
أجل ثلاثين (30) يوما: يسري هذا الأجل على الشفيع الذي بلغه شخصيا المشتري المقيد في الرسم
العقاري نسخة من عقد الشراء وإلا سقط حقه عند انصرام هذا الأجل، ويعتبر هذا الاجل
كاملا ويتم احتسابه ابتداء من تاريخ التوصل بالتبليغ.
أجل سنة: يحسب هذا الأجل في حالة عدم توصل الشفيع بالتبليغ المشار اليه أعلاه،
إذ اعتبر المشرع أن الحق يسقط في جميع الأحوال بمضي سنة تحسب ابتداء من تاريخ
تقييد الشراء في الرسم العقاري.
3-مسطرة العرض العيني
جاءت المادة 306 من مدونة الحقوق العينية بما
يلي " يجب على من يرغب في الأخذ بالشفعة أن يقدم طلبا إلى رئيس المحكمة
الابتدائية المختصة يعبر فيه عن رغبته في الأخذ بالشفعة ويطلب فيه الإذن له بعرض
الثمن والمصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا ثم بإيداعهما في صندوق المحكمة عند
رفض المشفوع منه للعرض العيني الحقيقي، وأن يقوم بكل ذلك داخل الأجل القانوني وإلا
سقط حقه في الشفعة ".
4-تقديم دعوى الشفعة
ترفع دعوى الشفعة مباشرة بعد استيفاء
الشفيع لمسطرة العرض العيني إذ يعمد هذا الأخير إلى تقديم مقال أمام المحكمة
الابتدائية التي يقع داخل نفوذها العقار موضوع الشفعة طبقا للفصل 27 من قانون
المسطرة المدنية ويؤدي عنه المصاريف القضائية ويطلب من خلاله الحكم له بالأخذ
بالشفعة مرفقا مقاله هذا بالوثائق المدعمة لهذا الطلب ولاسيما المحضر المثبت لإيداع
المبالغ بصندوق المحكمة والوصل...